شبكة البصرة
د. أيمن الهاشمي
لماذا يهم إيران أن ترى جارها (عراقا ضعيفا)
لماذا تريد إيران فرض وصايتها على شيعة العراق
الدور الأيراني بين التصريحات العاطفية.. والممارسات الفعلية
             منذ فترة ليست بالقصيرة والكثير من المسؤولين العراقيين يصرحون بالخفاء والعلن أن جهات خارجية  أجنبية متورطة في أحداث التخريب والتفجيرات التي تقع في مختلف مدن العراق، إستغلالا للوضع الأمني الشاذ في العراق بسبب الإحتلال الأمريكي الغاشم، وكان موضوع اتهام جهات خارجية بالتحريض أو تنفيذ جرائم القتل الجماعي في العراق ملتبسا ومحفوفا بالشبهات لأن جهة عراقية لم تعلن عن القبض على مقاتل أجنبي ولم يعترف أحد أنه عميل لجهة أجنبية قام بتفجير أو تخريب في العراق، ومع ذلك فإن المهتمين بالشأن الأمني العراقي كانوا واثقين أن هذا الأمر ليس اتهاما باطلا وليس مجرد مشجب تعلق عليه مسؤولية جرائم التفجيرات والأغتيال والقتل والتصفيات الجسدية في العراق،  رغم أن مرتكبي  هذه الجرائم والمحرضين عليها ومخططيها ومموليها لم يتم القبض على أحد منهم، وظن البعض أن هذه الأتهامات ماهي إلا مجرد شكوك وتخمينات بربط  تواجد مجموعة من الاجانب في العراق بالأعمال الارهابية وبالذات العمليات الانتحارية. الى أن جاءت تصريحات وزير الدفاع حازم الشعلان ووزير الداخلية فلاح النقيب بتسمية (إيران) كونها تقف وراء تخريب الوضع الأمني في العراق، وأنها العدو الأول للعراق. وحاولت أطراف عراقية  يهمها أن تبقى لأيران يد طولى في العراق، الى الدفاع المستميت عن إيران والتعريض بوزيري الداخلية والدفاع والإتهام لهما بأنهما من بقايا نظام صدام! وأنهما يحملان الفكر البعثي الشوفيني _ هكذا !! وتلك تهم جاهزة لدى هؤلاء، وكلنا يتذكر أن بعض تلك الأطراف كانت (إيرانية أكثر من الأيرانيين)  على وزن ملكي أكثر من الملك، حين طالبت بدفع تعويضات الى (الجارة المسلمة) إيران جراء الحرب العراقية الأيرانية، متناسين أن إيران هي التي رفضت القرارات الدولية بوقف القتال طيلة 8 سنوات!! وأنها هي التي خططت وبدأت بالحرب على العراق.
مراجعة تأريخية لابد منها:
            تأريخيا فإن المواقف الأيرانية من العراق منذ عهود فارس والصفويين والشاهنشاهية والثورة الأسلامية - تحكمها  مصالح ذاتية تتسم بالعداء والشك والرغبة الشديدة في إبقاء العراق واهنا ضعيفا يكون فيه وجود مؤثر للقوى التابعة لإيران، وإن سجل إيران في إيذاء العراق، والتدخل في شؤونه الداخلية سجل معروف وموثق تأريخيا، فلم تكن إيران عبر تأريخها الطويل صاحبة علاقة حميمة وطيدة مع العراق سواء في العهد العثماني أو العهد الملكي أو العهد الجمهوري وبعيدا عن العواطف والتحيز، فإن إيران لم تكن بريئة من جر العراق نحو الحرب 1980-1988، ومن إطالة أمدها، وحتى بعد دخول العراق للكويت لعبت إيران دورا مزدوجا في إيصال رسالة التطمين للنظام السابق وإظهار حسن النوايا بحيث تشجع النظام  في فتح الحدود بالكامل مع إيران وإعادة العمل باتفاقية الجزائر، وإرسال ثلاثة أرباع  طائراته الحربية والمدنية (وديعة أمانة) لدى الجارة المسلمة، في حين كانت قوافل المساعدات الإنسانية الغذائية الإيرانية المرسلة الى محافظات العراق الجنوبية والوسطى تحمل أكياس الطحين والرز ولكن تخفي تحتها البنادق الحربية والذخائر والمتفجرات من أجل تهيئة الأجواء لفتنة طائفية داخل العراق.
         وحتى الموقف الإيراني من غزو أميركا للعراق – قبيل الحرب وأثنائها وبعدها - كان ومازال يتسم بالبراغماتية والنفاق السياسي، فإيران الجارة المسلمة التي كانت تبدي قلقها على أمن ووحدة العراق وسيادته، لعبت بإتجاه الضغط على دفع عناصر الأحزاب الشيعية للمشاركة في مؤتمرات الخيانة  التي حضرت لإحتلال العراق، التي عقدت في لندن وواشنطن، وبالرغم من ظاهر التوتر في العلاقات الأميركية الأيرانية، إلا أن الغزل السياسي ما زال قائما في الخفاء بين الطرفين، يضاف لذلك نوايا إيران في التدخل في الشؤون العراقية الداخلية وبالأخص موضوع المرجعية الشيعية، وفرض الوصاية على بعض المرجعيات الدينية الشيعية المتأثرة بإيران، كما لا يستبعد الصفقة الأيرانية الأمريكية في ممارسة إيران الضغط على المراجع الشيعية لتبني خيار مهادنة المحتل وعدم الأنجرار وراء أي فعل من أفعال المقاومة للأحتلال.
            لقد رحبت الحكومة الأيرانية بتأسيس مجلس الحكم الأنتقالي  المؤسس من قبل سلطة الأحتلال لأنها وجدت فيه بذور التقسيم الطائفي للعراق، وهو ما تنظر إليه بعين الرضا والقبول.
الدور الأيراني في العراق بعد الأحتلال (نماذج من حقائق!):
1.        إن أعدادا كبيرة من المتسللين من إيران دخلت العراق بعد إحتلال العراق  وكثير من تلك القوى مارست دورا في التصفيات الجسدية داخل العراق، تحت مختلف الذرائع، وعلى سبيل المثال  ما صرح  به مدير شرطة واسط يوم 22ـ11ـ2003 أن عناصر من الأستخبارات الأيرانية تسربت الى داخل الحدود العراقية، وأنه تم ضبط سيارات تحمل أسلحة قادمة من إيران الى داخل الأراضي العراقية، تعود لعناصر تريد إحداث البلبلة والتخريب داخل العراق، كما تم القبض على عناصر متسللة من إيران بتهمة إرتكاب جرائم قتل داخل العراق.
2.        أعلن ناطق عسكري عراقي يوم 11/6/2004 أن إيران  قامت بتحريك جزء من قواتها العسكرية النظامية باتجاه الحدود العراقية في القاطع الجنوبي في الوقت الذي ضخت فيه عناصر عديدة من استخباراتها العسكرية الى الاراضي العراقية. وقال المصدر  ان اربعة فرق من الجيش الايراني وبضمنها الفرقة الذهبية ترابط الآن قريبا من الحدود العراقية على محوري العمارة والبصرة وفي محيطي ديزفول على قاطع ميسان والشلامجة على قاطع البصرة. وأوضح المصدر ان الايرانيين يخططون لدخول الاراضي العراقية في حالة انسحاب القوات الاميركية واستغلال الفراغ الأمني الذي قد يحصل هناك، معولين على عناصر استخباراتهم الذين تم ادخالهم الى العراق منذ إحتلال العراق قبل اكثر من عام.
3.        أعلن مصدر عراقي أن إيران قدمت  تسهيلات لتفجير انابيب النفط العراقية، وأعلن عن القاء السلطات العراقية القبض على من وصفه بانه ضابط برتبة نقيب في حزب الله اللبناني دخل عن طريق ايران. وأفاد بأن ايران حشدت قوات لها على الحدود مع العراق. وقال المصدر ان السلطات الايرانية ساعدت في تمرير «العشرات من المخربين الذين يقومون باعمال تخريب داخل العراق»، وذكر المتحدث: "لقد القينا في مدينة الديوانية القبض على نقيب من حزب الله اللبناني وكان يحمل ثلاث هويات، بينها هوية عراقيه صادرة عن جهة عراقية معروفة تسمح له بالتجوال داخل العراق، وقد قام هذا النقيب بالقاء قنبلة على القوات الاسبانية وتسبب بجرح خمسة من الجنود الاسبان، واعترف بان السلطات الايرانية هي التي سهلت له الدخول الى العراق عن طريق ايران وان هناك الكثير غيره ممن دخلوا الى العراق عن هذا الطريق". وبخصوص التحركات العسكرية الايرانية على الحدود قال المصدر ان«الفرق الايرانية الاربع وبينها الفرقة الذهبية تحركت حديثا باتجاه الحدود العراقية واقتربت اكثر». واضاف «ان بعض وحدات القوات الايرانية قامت بمناورات محدودة امام القاطع الجنوبي من حدودنا مقابل منطقة الشلامجة الحدودية في البصرة». وأشار المصدر الى ان «وحدات من القوات الايرانية اقتربت  باتجاه مدينة مندلي في محيط مضيق حران الفاصل بين الاراضي العراقية والايرانية، بينما رصدت وحداتنا الحدودية اقتراب قوات ايرانية في قاطع ميسان الجنوبي في محور ديزفول».  مشيرا الى ان الايرانيين «يعرفون انهم لن يستطيعوا تجاوز الحدود والدخول الى الاراضي العراقية لكنهم يستخدمون هذه القوات للضغط على الحكومة العراقية المؤقتة من جهة ويحاولون تمرير رسالة الى عناصرهم الموجودين داخل العراق من جهة ثانية ليقولوا لهم: نحن هنا».  وعبر المصدر عن رأيه بان الايرانيين يهيئون لعمل ما داخل العراق (معتقدين) بان الوضع العراقي ضعيف جدا. وأشار الى ان السلطات العراقية بعثت برسائل مباشرة وغير مباشرة للسلطات الايرانية تعلمها باننا على علم بتحركات قواتهم وبما يفكرون به، لكن للاسف فان القيادة الايرانية ليست مؤسسة واحدة وانما هي مجموعة مؤسسات سياسية ودينية وعسكرية وكلما فاتحنا مؤسسة ابدت عدم علمها والقت باللوم على المؤسسة الاخرى».
4.        بتأريخ 2/6/2004 أعلن وكيل وزارة الداخلية العراقي اللواء حكمت موسي سليمان لوكالات الأنباء عن القبض علي اثنين من عناصر المخابرات الايرانية بدعوي التخطيط لعملية تفجير بسيارة مفخخة داخل العاصمة بغداد.
5.        أعلن قائد قوات حرس الحدود العراقي أن السلطات العراقية ألقت القبض خلال الاشهر السبعة الماضية علي 60 ألف اجنبي من جنسيات إيرانية  دخلوا العراق بصورة غير شرعية عبر الاراضي الايرانية، وأضاف المسؤول العراقي (لقد تمت إحالة هؤلاء المتسللين إلي المحاكم العراقية المختصة) مشيرا إلي أن (قوات الحدود تكثف من دورياتها علي الحدود مع ايران للحد من عمليات التسلل واعمال تهريب البضائع).
6.        تهريب المخدرات من إيران بإتجاه العراق  بشكل منظم وبإعتراف العديد من المسؤولين الحكوميين العراقيين، وآخرها ما صرح به مسؤول حدودي عراقي يوم 4/8/2004 من أن السلطات العراقية ضبطت في الميمونة بالعمارة شحنة مخدرات قادمة من إيران بلغت كمياتها ربع طن من مادة الحشيش. يذكر أن المخدرات عرفت رواجا كبيرا في العراق عقب الأحتلال، حيث شهدت مناطق جنوب العراق رواجا كبيرا لها، من خلال زوار العتبات الشيعية المقدسة بفعل دخول أعداد كبيرة من الزوار الإيرانيين إليها، حاملين كميات من المخدرات بقصد المتاجرة بها.
7.        تحاول إيران دوما فرض الوصاية على العراقيين الشيعة وتقديم نفسها "حامية ووصية عليهم"، لكنها تهدف في الخفاء الى إثارة النعرات الطائفية والمذهبية تمهيدا لتقسيم وتفتيت وإضعاف العراق.
8.        صرح محافظ النجف يللصحف وم 8/8 الجاري بأنه ثبت فعليا إشتراك مقاتلين إيرانيين في أحداث النجف الأخيرة.
9.        صرح وزير الدفاع العراقي حازم الشعلان وكرر إتهامه لايران بالتدخل في الشأن العراقي وأشار الي سعيها لتخريب العراق ومسخ شخصيته الوطنية وتخريب التركيبة السكانية للعراق، وأضاف في تصريح صحافي نحن في طور التكوين وبلد خرج لتوه من الحرب ويحتاج البناء وشعبنا يعاني الامرين من العوز والفقر وبعض الجيران لم يكترثوا بل صبوا علي النار الزيت، وردا علي سؤال فيما اذا كان يعني ايران أجاب الشعلان نعم هي ايران.. أقول ايران.. وأقول ايران.. ايران . كما وطالبها باعادة الطائرات العراقية المدنية والعسكرية التي سبق ان ارسلها النظام السابق في العراق الي ايران لحمايتها من القصف الامريكي في حرب عام 1991 ورفضت اعادتها الي العراق، وأكد ان أكثر من 130 طائرة عراقية موجودة في ايران هي اموال عراقية يجب ان تعود الان الي العراق .
10.     بتأريخ 8/8 الجاري طالب الشيخ جواد الخالصي الامين العام (للمؤتمر التأسيسي الوطني العراقي) ايران بالتدخل لوضع حد لتصرفات العناصر الايرانية المشبوهة التي تحاول النيل من علاقة الشعبين العراقي والايراني ولا تعير أي اعتبار لسلامة البلدين وانما تعمل من منطلق الحفاظ علي المصالح الشخصية وتشعل نار الفتنة بين البلدين الجارين.
11.     بتأريخ 9/8 الجاري أعلن فروز راجيفار رئيس منظمة ايرانية للدفاع عن القيم الاسلامية ان 15 ألف ايراني تطوعوا للقيام بعمليات انتحارية في النجف وكربلاء، ونقلت صحيفة (همشري) اليومية الصادرة في طهران عن راجيافار رئيس منظمة محلية للدفاع عن القيم الاسلامية قوله إن جميع المتطوعين علي استعداد للذود عن الاسلام في جنوب العراق أو أي مكان آخر يتطلب الحاجة إليهم.
12. لقد أدخلت ايران مالا يقل عن نليون شخص إيراني وزودتهم بشهادات نفوس او بطاقات احوال مدنية عراقية الى مختلف مدن الجنوب العراقي من اجل إحداث تغيير ديمغرافي في البنية العراقية والتمهيد للتلاعب في الأنتخابات المزعومة.
13. بلغ عدد عناصر المخابرات الأيرانية التي دخلت العراق وتمارس نشاطها التجسسي فيه اكثر من 5000 عنصر.
وبعــد:
       إن علاقات إيران مع العراق عبر العصور المنصرمة كانت ومازالت علاقات  تصادمية، في صراع على زعامة الخليج، حتى انتهى الامر بحرب شرسة استمرت 8 سنوات اسقطت سيلا من القتلى من الجانبين. اما الآن فعدو الامس يشتاق الى دور "الوصي الشرعي" على ابناء اليوم.. وتريد إيران أن تطمئن إلى أن (العراق) لم يعد قويا ولن يعود كذلك. يجب أن يطلع الرأي العام العراقي والعالمي على حقيقة الدور الأيراني التخريبي في العراق.